القِصَّةُ القَصِيرَةَ
يَا سَعِدَه مِنْ عُرْفِ مَرَّةِ جَمَال الحُب وحلاوته
مِنْ شُرْفَةِ مَنْزِلِهِ فِي بُوسْطُن بأميريكا حَيْثُ كَانَ يَدْرُسُ
الدُّكْتُورَاه ، وهي المُطِلَّةَ عَلَى جَامِعَةِ هارفاد ، وَبَيْنَهِمَا
نَهْرُ أَلْبِرْت وَالمِسَاحَاتُ الخَضْرَاءَ المُمْتَدَّةُ ، أغمض عيناه
وَتُذُكِّرَ مَسَاءَ ذَلِكَ الشِّتَاءِ ، عِنْدَمَا كَانَا يُجْلِسَانِ
مَعاً عَند شاطىء بُحَيْرَةَ سربنتاين ، دَاخِلَ جديقة الهايد بَارَكَ فِي
لُنْدُنَ ، وهي الحديقة التي تلف لندن
تقريباً ، وكان قد أتى إِلَيْهَا مَنْ ويلز عِنْدَمَا كَانَ يَدْرُسُ فِي
إِنْجِلْترَا المَاجِسْتِيرُ، وَكَانَ الجَوُّ أَكْثَرَ مِنْ رَائِع فِي
هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَأَخَذَهَا بَيْنَ يدىه ، والسنو يتساقط عليهما ، فما
أجمل من شتاء لندن إلا شتاء بلاده مصر، وَقَبْلَهَا وَنَظَرَتْ هِيَ
طَوِيلًا فِي عَيْنَيْهِ ، وَقَالَتْ: تَمَنَّيْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ
خَلْقُ اللهِ فِي صَدْرِي قَلْبَبين ، أَضَعُكَ فِي أَحَدِهُمَا وَحَدَّكَ
وَأَغْلَقَهُ ، والثانى أُحْيَا بِهِ بين الناس ، كَانَتْ رَائِعَةً
وَتَعْرِفُ عَنْ الحُبِّ الكَثِيرِ، رَغْمَ صِغَرٍ سِنَّهَا ،
وَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُعَبِّرَ عَنْ الحُبِّ بِقُدْرَةِ عَاشِقٍ يُحِبُّ
عِشْقَهِ ويخلص له ، وَيَتَمَنَّى أَلَّا يُفَارِقَهُ هَذَا الحُبُّ ،
وَفَجْأَةً سَأَلَتْهُ كَيْفَ أَنَا وحبي عِنْدَكَ ، ضَحِكَ وَقَالَ:
مُبْتَسِماً أنتِ يا حَبِيبَتِي عَنَدًى كملحُ الطَّعَامُ ، تَعَجَّبَتْ هي
وَضَحِكَتْ وَقَالَتْ كَيْفَ.؟ ، قُال: لَهَا هَلْ يَسْتَطِيعُ
الإِنْسَانُ العَيْشَ بِلَا طَعَامٍ.؟. قَالَتْ: لَا قَالَ: وَهَلْ
يَسْتَقِيمُ أَيٌّ طَعْمًا لِطَعَامٍ بِدُونِ ضَبْطِهِ بِالمِلْحِ.؟.
قَالَتْ: لَا قَالَ: وَمَاذَا لَوْ زَادَ المِلْحُ فِي الطَّعَامِ ،
قَالَتْ: سَوْفَ لَا يُصْبِحُ طَعَامًا مُسْتَسَاغًا ، قَالَ: لِذَلِكَ
أَنْتِ عَنَدًى مُلِّحَ حياتىِِ لَا تَنْضَبِطْ حياتىِِ إِلَّا بِكِ
وَحَدَّكَ ، وَلَا أُفَكِّرْ أَنْ أَزِيدَ بِاِمْرَأَةٍ أُخْرَى حَتَّى
تَنْضَبِطَ مَشَاعِرُي وَأَعِيشُ السَّعَادَةَ ، هُنَا تَعَلَّقَتْ هي
بزراعيه ، وَقَالَتْ: مَعَكَ أَشْعَرَ دَائِماً بِالأَمَانِ وَأَلَانَ
أَنَامُ وَأَسْتَرِيحُ ، فَنَامَتْ نوماً لَيْسَ كَنَوْمٍ الأَحْياءَ ،
نَامَتْ نَوْماً أبدياً طَوِيلًا ، وَاِسْتَرَاحَتْ هِيَ ، أَمّا هُوَ فلم
ولَنْ يَسْتَرِيحَ إِلَّا إِذَا لِحَقٍّ بِهَا.
أَ. د/ مُحَمَّدٌ مُوسَى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق